المقيت

image

واحتي (48)

الاسم الخامس والأربعون من أسماء الله الحسنى : المقيت

سنراعي في كل اسم من أسماء الله الحسنى نقاط ثلاث :

1. تعريف الاسم

2. تطبيقاته العملية

3. علاقة المؤمن به

القوت ما يُقيت الإنسان ، وما يُقيم أوده ، وما يجعله يقف على قدميه ، والطعام الأساسي هو القوت ، والله سبحانه وتعالى من أسمائه المُقيت ..

والمُقيت هو المُقتدر قوةً وعلماً كيف ذلك ؟؟ أي خلق ووفًّق وأفاد ، مثال ذلك الحليب الذي تنتجه البقرة آليته معقدة جداً يخرج من بين فرث ودم حليباً خالصاً يناسب خصائص جسم الإنسان ، من قام بذلك فهو المُقتدر ..

والمُقيت هو الحفيظ ، فهو الذي يخلق القوت ، ويحفظ الإنسان بالقوت ، وهو الذي يقتدر بعلمه وقدرته على خلق القوت المناسب ، ومُلاءمته مع الجسم ..

والمُقيت هو الذي يُعطي أقوات الخلائق ، وهو الذي خلق الخلق وساق لهم الأقوات ، فما دام قد خلق ، فقد رزق ، وقال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الروم: 40 ، لم يقل ثم يرزقكم ن بل قال : ثم رزقكم  بالفعل الماضي طمأنة للخلق ، فهذه العنزة مثلاً خُلقت خصيصاً لنا ، وكل شيء فيها ننتفع به ، بدءأ من صوفها إلى جلدها إلى لحمها وشحمها وعظمها وكل شيء في هذه الدابة ينتفع منه الإنسان ،وقس كل المخلوقات..

والمُقيت : هو المُتكفّل ، أحياناً الإنسان يُطعم ولكنه ليس مسؤولاً ولا مكلفاً ولا مُلزماً ـ لكن الله عزوجل قال : (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) هود: 6 ، وعلى هنا تُفيد الإلزام الطوعي الذاتي ، والله عزوجل ألزم نفسه برزق العباد ..

المُقيت : ساق روح الأشباح والأرواح ، وها نحن الآن دخلنا في معنى أوسع ، المقصود بالأشباح هي الأجسام لأنها تفنى ، والأرواح هي النفوس ، كما أنه يوجد أقوات للأجسام ، هناك أقوات للنفوس ، والنفس قوتها بالاتصال بالله عزوجل ، قوتها بالسكينة التي يُنزلها الله على قلوب المؤمنين ، وشعورها أن الله راضٍ عنها ، وقوتها معرفة علاُّم الغيوب ، فإشباع الجسد لا يُغني الروح شيئاً ، فنفسك بحاجة إلى قوت خاص بها..

سأضرب مثالاً أقرب إلى الأفهام لو أن أباً وفَّر لابنه كل ألوان الطعام والألبسة ، لكنه لا ينظر إلى ابنه ولا يُكلمه هل سيشعر بالاكتفاء ، بالارتواء ؟؟ لا طبعاً ، يحتاج إلى الحب والحنان والتقبيل والاحتواء ، هذا هو القوت المعنوي ، ولله المثل الأعلى فالإنسان عندما يقوى إيمانه لا يرى سعادة أكبر من أن يشعر أن الله تعالى يُحبُّه ، وأنه في عين الله ورعايته ، إذاً ما أحوجنا إلى قوت القلوب ..

وحينما يفتقر القلب إلى القوت يتصحر لأن الحياة منعدمة ، والقلب لا يملؤه إلا معرفة الله والإقبال عليه والقرب منه ..

والمُقيت: هو الحفيظ لقوله تعالى 😦 مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا  ) النساء:85 ، أي حفيظاً ويحفظ أعمال عباده كلها ، فإن دللت أحداً على الله ، أو على خير شُفِعت له شفاعة حسنة أي نتج عنها خيرٌ عميم ، والعكس في السيئة ..

والعبد إذا اشتغل بطاعة الله عزوجل ، سخَّر له من يُعينه على تأمين حوائجه كلها ، وأما من شُغِل بشهواته أوكله الله إلى ذاته

أدب العبد مع اسم المقيت وما علاقتنا بهذا الاسم الجليل ؟؟ الأدب الأول ألا نأكل إلا الحلال الطيب ، فالله يُطعمنا فلا ينبغي لك أن تأكل إلا الحلال الطيب ، والمال الذي معك ينبغي أن يكون حلالاً ..

ومن أدب هذا الاسم أنه إذا أتاك الطعام أن تُشاهد المُنعم من خلال النعمة ، فكلنا نأكل ونشرب ولكن إذا جلسنا على الطعام والشراب فلنتأمل ما أنعم الله به علينا ونشكره على نعمه ، فينتقل من النعمة إلى المُنعم ، ومن القوت إلى المُقيت ، ومن هذا الإكرام إلى المُكرِم ..

ومن التخلق بهذا الاسم الكريم ألا تطلب حوائجك إلا من الله تعالى ، لأن خزائن الأرزاق بيده ، فعلى الإنسان أن يسأل ربه حاجته كلها ..

      ( أحببت الله من أسمائه فأحببت أن تحبوه )

Leave a comment