الحسيب

image

واحتي

الاسم الثاني والأربعون من أسماء الله الحسنى : الحسيب

سنراعي في كل اسم من أسماء الله الحسنى نقاط ثلاث :

1. تعريف الاسم

2. تطبيقاته العملية

3. علاقة المؤمن به

من معاني الحسيب المُكافيء ، ومن معانيه أيضاً الاكتفاء ، فلان حسيب فلان أي مُكافئه ومثيله ، وتقول أكرمني فلان وأحسبني أي كفاني وأعطاني فوق ما أريد ، وتقول حسبي الله ونعم الوكيل ، أي أن الله سبحانه وتعالى كافيني، فالعباد كلهم لو أطاعوا الله عزوجل كفاهم أمر دنياهم وآخرتهم  ..

فالمعنى الأول :المُكافيء ، والثاني: الكافي ، والثالث: المُحاسب ، من النّدّية والمثلية ، ومن الاكتفاء ، ومن الحساب ..

والحسيب : هو السيد الذي عليه الاعتماد ، وليس في الوجود حسيب سواه ، قد تعتمد على إنسان يحبك ، ولكنه ضعيف لا يستطيع أن يُنجيك مما أنت فيه ، وقد تعتمد على إنسان قوي ، ولكنه لا يُحبك ، وقد تعتمد على إنسان قوي ويُحبك ، ولكنك لا تصل إليه ..

أقوى قويّ في الدنيا لو اعتمدت عليه ربما توفاه الله وأنت بأمسّ الحاجة إليه ، وربما تغيرعليك فجأة بلا سبب ، وربما تنكر لك، لذلك من الشرك أن تعتمد على غير الله ، كلمة حسبي الله ونعم الوكيل أي أن الله يكفيني فهو القوي والغني والعليم والكريم والمجيب وكل شيء ..

إذا اعتمدت على الله كفاك وأغرقك بالنعيم ورفعك وأعزَّك ، فكلمة حسبي الله ونعم الوكيل من أفضل الأذكار التي كان يرددها الرسول صلى الله عليه وسلم ، إن رأى ما يحب قال : ( الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات )، وإذا رأى ما يكره قال 😦 الحمدلله على كل حال ) ، إذا لا جهة غير الله تُغني ، إما أن تكون مع الله فأنت المُكتفي ، وإما أن تبتعد فأنت في فقر دائم ..

المعنى الرابع للحسيب : هو الذي انتهى إليه كل شرف في الوجود ، فحين نقول فلان حسيبٌ نسيب أي مُشرَّف مُكرَّم ، فيكفيك شرفاً أن تنتسب إلى الله عزوجل، من هو الشريف حقيقة ؟؟ هو الذي لا يبخل ولا يكذب ولا يُنافق ولا يغتاب ، ولكن شرف الإنسان بطاعته لله ، وشرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزُّه استغناؤه عن الناس ، فاعلم أن شرفك بطاعة الله ، يقول تعالى : (قُل لِّعِبَادِيَ) إبراهيم:31 ، كلمة لعباديَ ، الياء منسوبة إلى الله عزوجل عن نِسبة تشريف وتكريم ، نسبك الله إليه وشرَّفك وكرَّمك..

وقيل : الحسيب الذي يُحاسب عباده على أعمالهم ، يُحاسب الطائعين فيُثيبهم على طاعته ، ويُحاسب العاصين فيُجازيهم على معصيته ، وهو حسيب على كل إنسان ، فالله هو المُحاسب ، وحسابه دقيق ، ويُحاسب على أدق التفاصيل فقد قال تعالى : (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ،وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة:7-8 ..

وإذا أيقنت أنه سيُحاسبك فلا بد أن تخاف منه ، وإذا خفت منه استقمت على أمره ، أقبلت عليه ، وإن أقبلت عليه سعِدَّت بقُربه ، وإذا سعدَّت بقُربه استغنيت عن الدنيا وما فيها بعد أداء الأسباب ، ومن عرف الله زهِد فيما سواه ..

إذا قلت : حسبي الله ونعم الوكيل، يكفيك مؤونة الدنيا والآخرة ، ويكفيك كُل الهم ، مهما ضاقت عليك السُّبُل ، ومهما أُحكِمت حولك الحلقات ..إذا رددت حسبي الله ونعم الوكيل فلسان حالك يقول ، صحتُك بيده ، وزوجتك بيده ، ومن فوقك بيده ، ومن تحتك بيده ، ورزقك بيده ، قرَّت عينك وارتاح قلبك ..

يقول تعالى : (وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) النساء: 6 ، هو الذي إذا رُفِعت إليه حوائج قضاها وإذا حكم بقضية أمضاها ، يعُدُّ عليك أنفاسك ويصرف بفضله عنك بأسك ..

مهما اجتمع الناس على أن يضروك ، وعلى أن يوقعوا بك الألم ، فقل : حسبي الله ونعم الوكيل ، أنت أقوى منهم بالله ، يكفينا شرفاً هذه الآية : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الأنفال:64 ، فكلمة حسبي الله ونعم الوكيل تُقال عند كل هم وحزن ،  وإذا علم العبد أن الله يكفيه لم يرفع حوائجه إلا إليه ، فسبحانه سريع الإجابة لمن اتجه إليه ، وتوكل عليه ، وإذا كانت حاجتك في حق الله خيراً محْضاً كطلب الهداية والاستقامة والرزق الحلال يُجاب فوراً لأنه في حق الله ، وأما إذا طلبت الدنيا فهناك وضعٌ آخر لعلها لا تنفعك ، وقد تؤذيك فلذلك قد يُجيبك وقد لا يُجيبك ..

عندما يؤمن الإنسان أن الله حسيبه يُصبح لديه دقة في معاملاته ، واعلم أن حساب الله في الدنيا حساب تربوي ، أما في الآخرة حساب جزائي ، فمشاعر رد التحية مثلاً يعلمها الحسيب وحده ، هل هي تحية إسلامية أم أنها صدرت عن كِبر أو تواضع أو كراهية ، مثل الإبتسامة هل خلفها غدر، أم حب ، أم كراهية ، النيات لا يعلمها إلا الحسيب ، فيجب أن تُحاسِب نفسك في الدنيا قبل أن تُحاسَب ، حتى على مستوى الدُريهمات ، هل هي حلال أم حرام ؟؟ ، فإذا ربيت أولادك فاكفِهم ، وإن أعطيت زكاة مالك فاعط الفقير حتى يكتفي ، واعط عطاءً جزيلاً ، ثم انتظر العطايا ممن لا يخيب من دعاه ..

    ( أحببت الله من أسمائه فأحببت أن تحبوه )

Leave a comment