الخافض الرافع

image

واحتي

الاسم الثالث والأربعون من أسماء الله الحسنى : الخافض-الرافع

سنراعي في كل اسم من أسماء الله الحسنى نقاط ثلاث :

1. تعريف الاسم

2. تطبيقاته العملية

3. علاقة المؤمن به

الخفض في اللغة ضد الرفع ، والخفض : الإنكسار واللين ، لقوله تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء:24، والانخفاض : الانحطاط ، وتوصف به الواقعة ، لقوله تعالى : (خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ) الواقعة:3 ، وقال الله عزوجل للنبي صلى الله عليه وسلم : (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الحجر:88 ، فإذا كنت مؤمناً حقاً فيجب أن تُحب كل مؤمن على وجه الأرض ومن أي جهة كان ..

الناس يتمايزون بمقاييس أرضية ، مقاييس المال ، القوة ، الذكاء ، الوجاهة ، وغيرها من الأمور ، فإذا وقعت الواقعة ، تبدَّلت هذه المقاييس ، يُقاس الإنسان بعد الموت بقدر استقامته وطاعته لله وإحسانه للخلق ، فالواقعة تخفض أقواماً بمعاصيهم فيصيرون إلى النار ، وترفع أقواماً بطاعاتهم فيدخلون الجنة ..

والخافض هو الذي يخفض الجبّارين والفراعنة أي يُهينهم ، ويخفض ما يستحق أن يخفضه ، والإنسان بين أن يرتفع وبين أن ينخفض ، ولكن إن ارتفع بالحق يدخل على قلبه من السرور مالا يوصف ..

والوضوح يرفع الإنسان ، إذا ظهر صدقه ارتفع ، وإذا ظهر كذبه انخفض ، قد تكون فقيراً لكنك تقي مرفوع الرأس ، حياتك الخارجية مثل حياتك الداخلية ، علانيتك تُماثل خلوتك ، فنحن المسلمين لو أننا أيقنا أن رفعتنا بطاعة الله وباستقامتنا لاستقمنا في حياتنا ..

وأي خيانة منذ خلق الله آدم وإلى يوم القيامة لابُدَّ أن تُفتضح والدليل قوله تعالى : (وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ) يوسف: 52 ، والخائن حين يُفتضح ، لا يُفتضح بذكاء البشر بل بتقدير خالق البشر ، لا تفعل شيئاً تستحي منه، ولا تفعل شيئاً تضطر إلى أن تعتذر منه ..

الإنسان حينما يتسرَّع ، ويمشي بلا منهج ولا أحكام شرعية يقع في شرعمله يتردى وينخفض هواناً والله هو الذي يخفضه ، ونفسك البشرية مخلوقة لمنهج الله ، ومخلوقة لتكون على مستوى الشرع ، فإذا حدَّت تعثرت نفسك شعرت بالكآبة والضيق ..

الخافض الذي يخفض بالإذلال من تعاظم وتكبر ، لأن صفة المؤمن الأساسية التواضع ، فذرَّة كِبر واحدة تتناقض مع العبودية ، ترى المؤمن عزيزاً إلى أقصى درجة ، ولكنه أمام الله ذليل ويُبالغ في التذلل أمام ربه ، فبقدر ما هو متواضع ومتذلل بينه وبين الله ، يكون بينه وبين الخلق عزيز النفس ..

والخافض لمن عصاه ، والمُذِّل لمن غضب عليه ، يخفض الكفار بالإشقاء ، ويخفض أعداءه بالإبعاد ، قالها قارون فدمَّره الله عزوجل ، وخسف به  ، يخفض كل خارج عن شريعته مهما كان غنيا بالمال ، أو عزيزاً بين الرجال ..

ما حظك من هذا الاسم ؟؟ من أراد أن ينال حظاً من اسم الخافض فعليه أن يخفض نفسه قبل أن يخفِضه الله ، تواضع قبل أن يضعك الله ، فالتواضع عبادة والتكبر نقيضها ، كلما تواضعت رفعك الله ، وهذه علاقة عكسية ، كلما تكبرت خفضك الله ..

ولا أعتقد أن على وجه الأرض إنساناً أشد تواضعاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما أنني لا أعتقد أن هناك من أعزه الله ورُفِع ذكره وشأنه كرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) الشرح:4 ، فإذا ذُكر الله في الأذان ، ذُكر معه رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، أخفِض إبليس بعدم الإصغاء لوسوساته ، ولا تُعظِّم أهل المعصية في قلبك وادع لهم بالهداية والصلاح ..

اسم الرافع : ترفع أي تعلو ، ولها معنى آخر وهي الإطالة لقوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ)البقرة: 127 ومعنى رفعة الشأن لقوله تعالى : ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) ..

والرافع هو الذي يرفع الأولياء وينصرهم على الأعداء ، ويرفع الحق بإظهاره ، ويرفع المؤمنين بالإسعاد ، فعندما يستقيم الإنسان ويُخلص لله تُصبح له مكانة في المجتمع تفوق مرتبته العلمية ، فالعلماء قديماً كان أحدهم نجاراً والآخر قصاباً ورفعهم الله عزوجل لخشيتهم منه سبحانه ..

والرافع رفع مقام الصالحين بخضوع القلوب لهم بالمودة والرحمة ، فبإخلاصه لله وإقباله عليه واستقامته على أمره يخلق الله له المودة في قلوب الآخرين ، قال تعالى : ( وألقيت عليك محبة …. ) أي أحبك الخلق بحُبي لك ، فالله تعالى هو الرافع  ، كم من مُستضعف علا شأنه ، وتألًّق نجمه لطاعته لربه كما أراد سبحانه ..

ما حظك من هذا الاسم أيها المؤمن ؟؟فإذا رفعك الله تعالى فيجب عليك أن تشكره على هذه الرفعة وتوظفها في طاعة الله ، وكل مؤمن يقتدي برسول الله ويتبع سنته ينال رفعة الشأن ..

       ( أحببت الله من أسمائه فأحببت أن تحبوه )

Leave a comment