الرقيب

image

واحتي (45)

الاسم الثاني والأربعون من أسماء الله الحسنى : الرقيب

سنراعي في كل اسم من أسماء الحسنى نقاط ثلاث :

1.     تعريف الاسم

2.     تطبيقاته العملية

3.     علاقة المؤمن به

الرقيب في اللغة بمعنى المُنتظِر ، لقوله تعالى : (وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ) هود: 93 ، ( فارتقبوا ) أي انتظروا فالرقيب هو المنُتظر ، ورقيب القوم هو الحارس الذي يشرف على مراقبة العدو ، ورقيب الجيش طليعته ، والرقيب هو الله الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء ، فإذا أيقنت أن الله يعلم حُلَّت كل مُشكلتك ..

عن أبي بكر الصديق ‏- رضي الله عنه – قال : (‏ ‏أرقبوا ‏ ‏محمدا – صلى الله عليه وسلم – ‏‏في أهل بيته) رواه البخاري،أي راقبوا وانتبهوا أن تؤذوه في آل بيته ، والرقيب كذلك هو الخَلَف يُقال : نعم الرقيب أنت لأبيك ، والترقب أي الانتظار ، وارتَقَبه : رصده ، بحفظه وراعيته ، وهو العليم وراقبْتَ الله إذا علمت أنه مُطلّع عليك فراعيْت حقه .. 

والمراقبة هي التي تجعل الإنسان يقظاً وعلى حذر ، فحين تعلم أن مخالفة السرعة المرورية لها غرامة عالية ، وأن المدير يضع كاميرات في كل إدارته ليرى جودة وعمل الموظفين لا بد أن تنْضبِط فشعورك أنك مراقب ولو من جهة أرضية ستنْضبط فكيف إذا أيقنت أن الله عزوجل هو الرقيب ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) النساء: 1 ، شعور الرقيب يُشعرك أن الله معك دائماً ..

الله هو الرقيب أي أن الله هو الذي يعلم أحوال العباد ويعُدّ أنفاسهم ، والله الذي لا إله إلا هو ، وأنت مُستلق على فراشك لو خطر لك خاطر أن غداً سأفعل كذا ، يجب أن تعلم وأن تعتقد اعتقاداً جازماً قطعياً ، أن هذا الخاطر اطَّلع الله عليه ، ولا يستطيع من العباد أيَّا كان أن يفعل ذلك ، فالله يستر لك أفكارك وأحوالك عن الناس لكن الله هو الرقيب عليها والعالم بها ..

فهذا الاسم من أقرب الأسماء إليك ، لأنك لو اعتقدت أن الله هو الرقيب ستستقيم على أمره ويكون سبب سعادتك الأبدية ، آمنت أنه يراقبك فاستحييت منه ، ولزِمْت أمره فسعِدت في الدنيا والآخرة ، فقد يكون اسم الرقيب وحده وأثره الإيجابي فيك سبب سعادة الدارين ..

الرقيب في حق الله ، هو الذي يعلم أحوال الناس ويعد أنفاسهم وقيل : الحفيظ الذي لا يغفل والحاضر الذي لايغيب ، اعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك هذا مقام الإحسان ، فاسم الرقيب يرفعك إلى مقام الإحسان ، وكلما ارتقى مقام الإنسان دخل في حال المراقبة مع الله عزوجل ، فهو الحفيظ الذي لا يغفل ، والحاضر الذي لا يغيب ..

تستطيع أن تُخفي عن البشر ألف شيء وشيء ، تُخفي عنهم ألف فكرة وألف قضية ، تبقى صامتاً ولا يعلم أحد شيئاً عنك أحياناً ، لكن تكلمك وصمتك عند الله سواء ، بوحك وكتمانك عند الله سيَّان ، إعلانك وإخفاؤك عند الله سواء لأنه رقيب ..

وقيل الرقيب ، هو الذي يرى أحوال العباد ويعلم أقوالهم ، وهو الذي يراقب عباده ويُحصي أعمالهم ويُحيط بمكنونات سرائرهم ولا يغيب عنه شيء ..

والرقيب هم المُطّلع على الضمائر والشاهد على السرائر ، والرقيب يعلم ويرى ، ولا يخف عليه السر والنجوى ، والرقيب هو الحاضر الذي لا يغيب ، بل رقابته قديمة مستمرة ..

العلماء يرون أن المراقبة حال يصير العبد فيه ذاكراً الله بقلبه ، إن شُغل لسانه ، لأن الله مُطلّع عليه دائماً ، وشعور العبد أن الله مُطلّعٌ عليه سمو وارتقاء إلى الله ، فلتكُن أيها القارئ الكريم من أهل المراقبة ..

ما حظ المؤمن من هذا الاسم ؟ مراقبة العبد لنفسه أساسها أن يعلم أن الله مطلع على نياته وقلبه ودخائل نفسه ، وأن يستحضر من مراقبة الله له أن الله تعالى معه دائماً ، ويُراقبه في كل أحواله وحركاته ، وهذه المراقبة مفتاح كل خير ، لأن العبد إذا أيقن ذلك خاف عقاب الله وهابه في كل مجال ..

ومن أدب المؤمن مع اسم الرقيب أن يعلم أن الله رقيبه وشاهده في كل شيء ، ويعلم أن نفسه عدوة له ، والشيطان مُتربص له فيأخذ حِذره منهم ، وأن يجعل عمله خالصاً لربه ، فإذا وصلت الله أوصلك إلى الجنة ، وسعدت في الدنيا والآخرة ..

      ( أحببت الله من أسمائه فأحببت أن تحبوه )

Leave a comment