البديع

image

ومن أسماء الله الحسنى : البديع

سنراعي في كل اسم من أسماء الحسنى نقاط ثلاث :

1.     تعريف الاسم

2.     تطبيقاته العملية

3.     علاقة المؤمن به

قال تعالى : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) البقرة: 117 ، الإبداع : أن تصنع شيئاً على غير مثالٍ سابق ، ودون أن تتلقى من أحدٍ معلومة ما ، وإذا أردنا ان نبحث فيما يصنعه الإنسان فإنه من حيث يشعر أو لا يشعر فهو تقليد لشيء ، ففي إحدى الموسوعات عن الطيور كتب المؤلف : ( إنَّ أرقى طائرة صنعت حتى اليوم لا ترقى إلى مستوى الطائر ….) فالطائرة تقليد للطائر ، والغواصة تقليد للسمكة ..

وأي شيء صنعه الإنسان تقليد لشئ أبدعه الله ، لكن الله سبحانه خلق الكون على غير مثال سابق، فمن قال أن الأرض ينبغي أن تكون كروية ؟ ومن قال إن الأرض ينبغي أن تدور حول نفسها ؟ ومن أعطى الهواء صفاته وخصائصه ؟ ومن جعل الشمس منبع الحرارة ؟ وجوه البشر ؟؟ هل في الأرض وجه مشابه لوجه إنسان آخر منذ خلق الله البشرية ؟ والشيء الثابت الآن ان لكل إنسان رائحة خاصة ، وهذه الرائحة أساس معرفة الكلاب البوليسية للمجرم ، كل إنسان له بصمته الخاصة ، إنه إبداع لا حدود له ..

أنواع الأسماك وأي شكل يخطر في بالك موجود ، فتنوع الأسماك شيء لا ينتهي ، وتقف عند الطيور أشكالها وأصنافها وسلالاتها شيء يأخذ بالألباب ، الحشرات ليس هناك حشرة مثل أختها ، ولا فراشة مثل أختها تنوع في الخلق لا يصدقه عقل ، وهذا معنى قول الله تعالى : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)  أوراق الأشجار وأنواعها ، وأنواع الأخشاب والنباتات والروائح ، وذرات الثلج ، كُل ذرّة لها شكل خاص ، أليس هذا من فعل بديع السموات والأرض ؟

إنه إبداع لا حدود له ، أما الإنسان لو أراد مثلاً أن يرسم وجهاً ، فلو كلَّفنا رسَّاماً أن يرسم وجهاً يرسم وجه اثنين … ثلاثة مختلفة بعضها عن بعض ، وبعد ذلك ينضب الإبداع من ذهنه ، وتأتي رسوماته متشابهة ..

الله سبحانه وتعالى بديع السموات والأرض ، هو الذي خلق السموات والأرض على غير صورة سابقة ودون أن يعلمه أحد ، ابتدع ذوات الأشياء وصفات الأشياء وخصائص الأشياء ، وابتدع أحجامها وألوانها وحركتها وسكونها ، فيجب أن تعلم أن الله سبحانه واحدٌ في ذاته ..

ومعنى البديع : يعني الذي لا مثيل له ، والذي لا مُشابه له ، وليس كمثلِه شيء ، والإنسان مُكرم عند الله عزوجل ، ومن علامات تكريمه أنه خلقهُ فرداً لا مُشابه له ..

إذاً من فعل فعلاً لم يُسبق إليه قيل له : أبدع ، وسُمِّيت البِدعة بدعة لأنها لا أصل لها في الدين ، ولنقف وقفة متأنية عند البِدعة ..

البِدعة لها معنيان : معنىً لغوي ، ومعنىً شرعي ، فالمعنى اللغوي كل شيء جديد اسمه بدعة ، والمعنى الشرعي: من أحدث في الدين ما ليس فيه فهو مُبتدع ، فمن ابتدع شيئاً يُيَسّشر على المُصلين صلاتهم فهو شيءٌ جيد ، فنقلُ الصوت بدعة ، لكنها تُعطي خدمات لرواد المسجد ..

فهناك بدعة حسنة ، حينما تُقدم شيئاً مريحاً جيداً يحل بعض مُشكلات المجتمع ، دون أن يُخالف نصاً شرعياً ، أما البدعة السيئة فهي التي خالفت أمراً مُحرماً ..

والبدعة في الدين حرام مئة في المئة لماذا ؟ لقوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا )المائدة :3 ، فالدين أنزله الله تام وكامل ، فديننا الإسلامي لا يقبل التعديل ولا المعالجة ولو كانت طفيفة ..

لذلك أصحاب البِدع يُقال لهم أصحاب الأهواء ، إما أن تُحكِّم سُنة النبي صلى الله عليه وسلم في حياتك ، وإما أن تُحكِّم الهوى ، وإن حكَّمت الهوى أصبحت مبتدعاً ، وخرجت عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإن حكَّمت السنة في أفعالك وأقوالك وسيرتك فقد كُنت مقتدياً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ..

فحظ العبد في هذا الاسم ألا يكون مبتدعاً ، فمن تكريم الله لهذا الإنسان أن مكَّنهُ من أن يُبدع ، في الزراعة وفي النبات وفي خلط الألوان وصهر المعادن وهذا من فضل الله علينا ،  أما أن يبتدع في الدين فهذا ضلالة قولاً واحداً ، وأيُّ بدعة تأتينا يجب أن نسأل عن أصلها ، فإن لم يكن لها أصل فهي بدعة مردودة لا نقبلها ..

      ( أحببت الله من أسمائه فأحببت أن تحبوه )

Leave a comment