الهادي

image

الاسم الثامن والعشرون من أسماء الله الحسنى : الهادي

سنراعي في كل اسم من أسماء الحسنى نقاط ثلاث :

1.     تعريف الاسم

2.     تطبيقاته العملية

3.     علاقة المؤمن به

كلمة الهادي مأخوذة من الفعل هدى ، فما معنى هدى ؟؟قال تعالى : (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) يونس: 25 ، يعني : خُلِقت ليُسعدَك ، لا سعادة تنقطع عند الموت ، بل ليُسعدك إلى الأبد ، والله عزوجل أعطى الإنسان حرية الإختيار ، فمن شاء الهُدى هداه إلى صراط يؤدي إلى دار السلام ، ودار السلام الجنة ، وأنت مُخيَّر ، فإذا اخترت دار السلام هداك الله إلى الصراط المستقيم الذي يوصلك إلى دار السلام ..

ومعنى الهداية هو الإمالة ، هداه أي أماله ، ووجهه إلى الحق ، وتُسمَّى الهدية هدية لأن من شأنها أن تُميل قلب المُهْدي إليه ، (اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) الفاتحة: 6 ، يعني يا رب مِلْ بقلوبنا إليك ..

سؤال مهم من هو الداعية الذي يقنعنا أن نتجه إلى طريق الحق ؟ هو الله هو الهادي ، الله سبحانه وتعالى هدى الإنسان عن طريق الخَلْق ، وأول مخلوقاته الكون ، فالكون مظهر لأسماء الله الحُسنى ، إذا أردت أن تفكر في الكون وصلت إلى الله ، إنه صنعته تصل إلى الصانع ، إنه خلقه تصل إلى الخالق ، إنه تنظيمه تصل إلى المُنظِّم ..

تنظر إلى الوردة تتذكر ان الله الجميل ، إذا رأيت البحر هائجاً تتذكر اسم الله الجبَّار ، والقهَّار ، فإذا أردت أن تهتدي حسبُك الكون مُعجزة ، هذا أول باب إن باب الكون أوسع أبواب الهدى وأقرب طُرق الهدى ..

ثاني باب أن الهادي اسم من أسماء ذاته لأنه المُتكلم ، فالقرآن كلامه ، فالله سبحانه يهدي بكلامه ، فالقرآن يُبين لك أصل الخليقة وحقيقة الدنيا وما بعدها ، يبين لك حكمة الوجود ، أمرك بالصلاة والزكاة والحج ، وبين لك ما الحكمة من كل ذلك ، فالقُرآن بابٌ إلى الله ..

فالقُرآن الكريم هديٌّ بياني ، والكون هديٌّ استدلالي ، وكلاهما يدلان على الله ويُشيران إليه ، وكلاهما يُكمل الآخر، فمن اكتفى بالكون فقد أخذ شطر الدين ، فإذا فكرت في الكون عرفت عظمة الله عزوجل ، أما إذا أردت أن تعرف منهجه فلا بُدّ من قراءة القُرآن ، والقُرآن في أساسه موجز فيه كُليَّات الدين ، جاءالنبي صلى الله عليه وسلم فشرحهُ وبيَّنه، بالكون تعرفه وبالقُرآن تعبده ..

ثالث باب أن الله الهادي بأفعاله ، أفعال الله وحدها تُعلِّمُك ، يقول تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ) النمل : 69 ، صلَّيت الفجر في جماعة فشعرت طوال اليوم أن كلامك سديد وعقلك رشيد وأمورك ميسَّرة ، وفي اليوم التالي لم تُصل الفجر ، فاتتك مثلا، واجهتك مُشكلات كثيرة ، أولها في الطريق ثم في العمل ، ثالثٌ تطاول عليك ورابعٌ لم تجده وهكذا ، هنا علَّمك الله بأفعاله ، فيوم صلَّيت الفجر فأنت في ذمة الله وحفظه ، ولما فاتتك تلاحقت عليك المُشكلات ، هذا تعليم ، الله يهديك إليه بأفعاله ..

بخِلت أتلف الله أموالك ، تصدَّقت فتح الله عليك من حيث لا تعلم ، علَّمك الله بأفعاله ، هو يُعلمك باستمرار لذلك قال تعالى : (وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة: 282 ، وهذه الواو ليست شرطية ، سواء اتقيت الله أو لم تتق  فالله سبحانه صمَّم لك نفساً إذا أسأت تشعر بالضيق ، تُسميه وخز الضمير أو كآبة أو ضيق ، فحين أسأت خرجت عن قانون فطرتك ، هكذا علمك بالفطرة والدليل وهذا التعليم هو هداية الفطرة ..

قال تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) الروم:30 ، إقامة وجهك للدين حنيفا ، هو نفسه فطرة الله التي فطر الناس عليها، فلا ترتاح إلا إذا عرفت الله ، لأنك إذا عرفته أويت إلى رُكنٍ وثيق ..

أحياناً تأتيك الهداية عن طريق خلقه ، لا عن طريق مخلوقاته ، تلتقي بشخص يُعلِّمك ويُعرِّفك بالله ، من الذي ساقه إليك ، هو الله الهادي ، وقد تأتيك الهداية برؤيا رأيتها هداك الله بعدها لطريق الفلاح والصلاح ، وهناك هدي انقباض وانبساط ، فإذا كان الله راضياً عنك تجد الإنشراح والتيسير ، وإن كان غير راضٍ عنك فأنت في إنقباض وتعسير ، وقد تأتيك الهداية عن طريق الإلهام لقوله تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ) القصص: 7 ، فهذا وحي إلهام ، يلهمك لحضور درس في المسجد ، يُلهمك لمساعدة محتاج ، يُلهمك للأشياء التي تقربك منه ..

أول هداية : هداية عامة ، هُديَ إلى طعامه ولباسه وصُنع بيته ، هُديَ إلى كسب الرزق وتأمين حاجاته ..

الهداية الثانية : هداية الوحي ، يهديك إليه ، إلى كتابه ، وإلى الحق ..

الهداية الثالثة : هداية التوفيق ، لقوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ) الكهف : 13

الهداية الرابعة : هداية الجنة ، لقوله تعالى : (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ) محمد: 5-6  

       ( أحببت الله من أسمائه فأحببت أن تحبوه )

Leave a comment